مفاتيح الشرائع

اشارة

قد اتجه علماء الشيعة اتجاها ملحوظا في جميع الميادين العلمية منذ أقدم عصورهم، و امتد نشاطهم و حركتهم الفكرية الى كل ما كان هناك من علوم معروفة، و شمل نشاطهم الى جانب الفقه و أصوله و الكلام و علوم القرآن و اللغة و الأدب، سوى ذلك من العلوم الأخرى، و نجد هذا النشاط بارزا على مؤلفاتهم الكثيرة، التي تعكس اتجاههم العلمي و نشاطهم الفكري.

و الانصاف يحتم علينا أن لا ننسى لهم ما قاموا به من الأدوار الكبيرة في الحركة الثقافية في الاحقاب الإسلامية الماضية، و ما ساهم به اتجاههم هذا الممعن بحثا، الذي جاب مناطق الإنسان و الحياة في بناء الحضارة الإسلامية و اقامة دعائمها على أسس قويمة منتجة.

انه لمن المدهش حقا أن نجد كثيرا من مفكري الشيعة و علمائهم قد سبقوا عصورهم بأجيال بمعلوماتهم و نظرياتهم و آثارهم، و تركوا حقائق علمية مثيرة.

و من مشهوري علماء الشيعة الذين برزوا في هذه الميادين هو الشيخ المحدث الفقيه المحقق و الحكيم المتأله العارف الشهير المولى محمد محسن الفيض الكاشاني، أسكنه اللّه بحبوحات جناته.

مفاتيح الشرائع، المقدمة، ص: 6

اسمه و نسبه:

هو المولى محسن بن الشاه مرتضى بن الشاه محمود المشتهر بالفيض الكاشاني، و اسمه كما يظهر من تقريرات نفسه محمد، و لذا كثيرا ما يعبر عنه بالمولى محمد محسن. و أبوه الشاه مرتضى المذكور كان من العلماء الصدور و صاحب خزانة كتب و فضل مشهور، يروي عن المولى فتح اللّه الكاشاني المتوفى سنة 988، عن علي بن الحسن الزواري، عن المحقق علي بن عبد العالي، و يروي عنه ابنه محمد مؤمن. و سيأتي ترجمة بيته الشريف في ترجمة علماء بيت الفيض.

إطراء العلماء عليه:

قال في سلافة العصر: المولى العلامة محمد بن المرتضى الشهير بملإ محسن القاشاني، له كتب و مصنفات جليلة في الفقه و الحديث و الكلام و الحكمة، و هو من أهل العصر الموجودين الان «1».

و قال الحر العاملي في أمل الأمل: كان فاضلا عالما ماهرا حكيما متكلما محدثا فقيها محققا شاعرا أديبا حسن التصنيف من المعاصرين «2».

و قال الأردبيلي في جامع الرواة: العلامة المحقق المدقق، جليل القدر عظيم الشأن رفيع المنزلة، فاضل كامل أديب متبحر في جميع العلوم «3».

و قال البحراني في لؤلؤة البحرين: كان فاضلا محدثا أخباريا صلبا «4».

______________________________

(1) سلافة العصر: 491.

(2) أمل الأمل: 507 الطبعة الحجرية.

(3) جامع الرواة: 2- 42.

(4) لؤلؤة البحرين: 121.

مفاتيح الشرائع، المقدمة، ص: 7

و قال الشيرواني في بستان السياحة: كان من أكابر العلماء و أعاظم العرفاء، ألف في علم الشريعة و الطريقة كتبا و رسائل مفيدة «1».

و قال في مجمع الفصحاء: فخر المحققين و المجتهدين و زين العارفين- إلخ «2».

و قال الخوانساري في روضات الجنات: و أمره في الفضل و الفهم و النبالة في الفروع و الأصول و الإحاطة بمراتب المعقول و المنقول و كثرة التأليف و التصنيف مع جودة